نتناول فى هذا المقال صراع مشهور فى المجتمع العلمي باسم (حرب التيارات الكهربائية) بطلاه هما نيكولا تسلا وتوماس ايديسون، ولكن دعونا نفهم أولاً ما هي الكهرباء وما مفهوم التيار الكهربي وأنواعه وأهميته التى أدت لمثل ذلك الصراع.
الكهرباء هي إحدى صور الطاقة، وهي ضرورية لإستخدامات عديدة ومتنوعة مما يجعلها مرنة الإستخدام. وكانت الإضاءة واحدة من أولى تلك الإستخدامات فى التاريخ حين إخترع توماس إيديسون المصباح الكهربائى فى القرن التاسع عشر، وكانت بذلك بديل رائع عن استخدام اللهب للإضاءة، حيث قللت من مخاطر الحريق فى البيوت والمصانع، ومن ثم بدأ إستخدامها فى التدفئة، وأخذ سوق الطاقة الكهربائية فى الازدهار مع ظهور الاختراعات التى تقوم بالأساس على تلك الصورة من صور الطاقة، وما زال الازدهار مستمر إلى يومنا هذا.
ابدا تجربتك الان فى معامل براكسيلابس ثلاثيه الابعاد!
فى وقتنا الحالى تتنوع إستخدامات الطاقة الكهربائية بشكل يصعب حصره، فهى موجودة بصورة أساسية فى منازلنا وفى جميع قطاعات العمل المختلفة وهى الوسيلة الأكثر أماناً لتشغيل المصانع المختلفة، ناهيك عن جميع وسائل النقل المختلفة، حيث تستخدم الكهرباء لتشغيل الدوائر الكهربائية الضرورية لتشغيل السيارات والطائرات والسفن والقطارات. بل وبدأ إستخدامها كبديل أساسى للوقود الحفرى بمختلف أنواعه. كما تستخدم الكهرباء في الاتصال عن بُعد، حيث كان التلغراف الكهربائي هو أول تطبيقات الكهرباء في هذا المجال. ومع وضع أول نظام تلغراف عابر للقارات، ثم عبر المحيط الأطلسي، في الستينات من القرن التاسع عشر، سهلت الكهرباء وسائل الاتصال فأصبحت لا تستغرق سوى دقائق معدودة في جميع أنحاء العالم.
التيار الكهربائي:
التيار الكهربائي هو تدفق من الشحنات الكهربائية كالإلكترونات أو الأيونات. طبقًا للنظام الدولي للوحدات فإن شدة التيار الكهربي تقاس بـ الأمبير. بينما يقاس التيار الكهربي بجهاز الأميتر.، ويمكن أن يقاس بأحد أجهزة القياس ذات المحرك.
ينقسم التيار الكهربائى إلى نوعيين رئيسيين هما:
1- التيار المستمر:
وهو عبارة عن تدفقٍ ثابتٍ للإلكترونات من منطقة ذات جهد عالٍ إلي أخرى ذات جهد أقل، ويتم توليده من البطاريات الكهربائية، والخلايا الشمسية، ومن المبادل الكهربائي المستخدم في الآلآت الكهربائية. ويتم انتقاله عادة في الفلزات كالأسلاك الكهربية، ولكن قد يحدث أيضًا خلال أشباه الموصلات أو العوازل أو حتى في الفراغ كما في حالة الأشعة الأيونية أو الإلكترونية. وتتدفق الشحنة الكهربية في حالة التيار المباشر في نفس الاتجاه، وبذلك فهو يختلف عن التيار المتردد (الذي يرمز له باللاتينية AC). وكان يطلق اسم التيار الجلفاني (galvanic current) سابقاً على التيار المستمر.
تطبيقات التيار المستمر:
يستخدم التيار المستمر ذو الجهد العالي لنقل الطاقة الكهربائية لمسافات طويلة وفى حالة التوصيلات التى يلزم مرورها أسفل الماء. كما يستخدم فى تطبيقات عديدة ذات جهد منخفض كالبطاريات التى تولد تيار مستمر، وتعتمد عليه أنظمة الطاقة الشمسية فلا يمكن أن تولد الخلايا الشمسية تيار متردد، وكذلك يتم إستخدامه فى الخلايا الكهروضوئية.
مزايا التيار المستمر:
1- التيار الكهربائي المستمر لا يقوم بعكس قطبيه ولذلك فعندما نقوم بتوصيل دائرة كهربائية لتيار كهربائي مستمر يجب مراعاة الأقطاب بشكل جيد أي “موجب- موجب” أو “سالب- سالب” .
2- يمكن تحويل التيار المتردد إلي تيار مستمر وذلك من خلال استخدام “دائرة تقويم جسريه”.
3- يعد السبب في تدفق الإلكترونات فيه هو المغناطيسية الثابتة علي طول السلك.
5- يتميز التيار المستمر بثبات قيمته مع الزمن.
6- معامل قوته يكون واحد دائما.
7- يتميز بأن موجته تكون علي شكل نبضات مستمرة.
2- التيار المتردد:
التيار المتردد الجيبي أو التيار المتناوب الجيبي هو تيار كهربائي يعكس اتجاهه بشكل دوري و يتذبذب في مكانه ذهابا وإيابا 50 أو 60 مرة في الثانية حسب النظام الكهربائي المستخدم. يمكن توليده فقط حسب قانون فرداي عن طريق مولد كهربائي متردد.
مزايا التيار المتردد:
- يمكن نقل القدرة الكهربائية عبر التيار المتردد إلى مسافات بعيدة جدا وهذا ما لا يمكن للتيار المستمر أن يفعله بطريقة اقتصادية أو عملية. حيث بالإمكان نقله إلى مسافات بعيدة جدا بين الدول أو حتى عبر القارات.
- تمتاز التيارات المترددة على المستمرة بقدرتها على نقل المعلومات. فمكبر الصوت مثلا يقوم بتحويل المعلومات المحتواة في كلمة إلى تيار متردد
- التيار المتناوب سهل التوليد من التوربينات.
- تنتج الخلايا الكهروكيميائة التيار المستمر مباشرة ولكنها تكون غير عملية لتلبية احتياجات مناطق سكانية كبيرة، بينما يمكن استخدام الطاقة الهائلة للمياه المخزونة خلف السدود على الأنهار، واستغلال طاقة المد والجزر للمحيطات وطاقة الرياح والوقود الاحفوريوالتفاعلات النووية الآمنة لتدوير عنفات والتي بدورها تدير مولدات تيار متردد.
يمكنك تجربة نسختك المجانية من تجارب التيار الكهربي التى تقدمها معامل براكسيلابس للفيزياء من هنا.
ابدا تجاربك مع براكسيلابس الان مجانا!
حرب التيارات:
لم يكن التيار المتردد معروف بعد للعالم حتى بدايات القرن التاسع عشر، حيث بدأت تظهر فى ذلك الوقت تجارب مايكل فاراداي والتي ساعدت بشكل كبير في تطور تصورنا ومفهومنا عن الكهرومغناطيسية وبالتالى بدأ العالم يخطو خطواته الأولى للتعامل مع هذه القوة الغامضة التى تسمى الكهرباء، ونقلها إلى الحياة العملية والتجارية.
بعد ما قدمه مايكل فارادي من تجارب أجراها فى بريطانيا، انتقل فضول المعرفة إلى الولايات المتحدة الامريكية حيث بدأ صراع علمي من نوع خاص نطلق عليه فى يومنا هذا (حرب التيارات)، ففي عام (1882) أسس توماس إديسون أول محطة لتوليد الكهرباء في العالم في مدينة نيويورك لإضاءة منطقة منهاتن بإستخدام التيار المستمر ومصباحه، ولكن فبعد اختراع ويليام ستانلي للمحول الكهربائي في العام (1885) بدأ العالم يتجه إلى مرحلة جديدة سوف تثير غضب السيد إديسون وتضر باستثماراته في التيار المستمر، وهذا ما حدث بالفعل مع اكتشاف نيكولا تسلا للتيار المتردد وصناعته لمحركه المعتمد عليه.
بعد ذلك انقسمت الولايات المتحدة إلى فريقين، الأول يدعو إلى استعمال التيار المتردد الذي طوره تسلا وشركة ويستن هاوس التي بدأت بناء محطاتها وضمنت تكلفة أقل في عمليتي نقل والتوزيع، والفريق الثانى يتزعمه إديسون صاحب الإختراعات التاريخية والذي أنار نيويورك لأول مرة والذي يروج بإستماتة لتياره المستمر الأكثر أماناً، بل إنه تجاوز كل الخطوط في محاولة إثبات ذلك حيث عمد إلى صعق الحيوانات علناً بالتيار المتردد، ومن هنا بدأت الخصومة التاريخية الأشهر على الإطلاق بين العبقريين تسلا وإديسون.
في نهاية هذه المعركة كانت الغلبة للتيار المتردد وذلك بسبب المسافة المحدودة التي يمكن نقل التيار المستمر بها، فلا يمكن نقل الطاقة عبره للأماكن البعيدة، على عكس التيار المتردد الذي يسهل نقله، ولذلك تستخدم خطوط التوتر العالي لنقل الطاقة بين الأماكن البعيدة والمتوسطة لنقلها ضمن التجمعات السكنية، والمنخفضة لإيصالها للمستهلكين.